{وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلاَّ يَسِيراً (14)}قوله تعالى: {وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها} وهي البيوت أو المدينة، أي من نواحيها وجوانبها، الواحد قطر، وهو الجانب والناحية. وكذلك القتر لغة في القطر. {ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها} أي لجاءوها، هذا على قراءة نافع وابن كثير بالقصر. وقرأ الباقون بالمد، أي لاعطوها من أنفسهم، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم. وقد جاء في الحديث: أن أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كانوا يعذبون في الله ويسألون الشرك، فكل أعطى ما سألوه إلا بلالا. وفية دليل على قراءة المد، من الإعطاء. ويدل على قراءة القصر قوله: {وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ}، فهذا يدل على {لأتوها} مقصورا. وفي {الْفِتْنَةَ} هنا وجهان: أحدهما- سئلوا القتال في العصبية لأسرعوا إليه، قاله الضحاك.الثاني: ثم سئلوا الشرك لأجابوا إليه مسرعين، قاله الحسن. {ما تَلَبَّثُوا بِها} أي بالمدينة بعد إعطاء الكفر إلا قليلا حتى يهلكوا، قاله السدي والقتيبي والحسن والفراء.وقال أكثر المفسرين: أي وما احتبسوا عن فتنة الشرك إلا قليلا ولأجابوا بالشرك مسرعين، وذلك لضعف نياتهم ولفرط نفاقهم، فلو اختلطت بهم الأحزاب لأظهروا الكفر.